مقالات

جيل الطيبين .. بين الحقيقة وأساطير الأولين !!

بقلم : سعد التميمي .. شقراء .

هذا المقال ( الخارج عن المألوف ) يحْمل الرقم ( 100 ) شاكراً ومُقدراً تحفيزكم وتشجيعكم الدائم ، ونزولاً عند رَغبة جَمعٍ من القراء الكرام في نَشرِ رقم هاتفي الجوال ،
أتشرفُ بتلبيَة طلبهم .. أبو فهد ( 0553186381 ) .
………………………………………….. …………………….

{ جيل الطيبين } مُصطلحٌ مُعاصِرٌ ذاع صيتهُ مؤخَّراً عَبرَ المنصَّات الإعلامية والحسابات التويتريَّة ، ويُقصدُ به عادةً الثناء والإطراء ، مُرتقياً عند بعضنا إلى التَّحسُّر والتأسُّف على ( مرحلة ما قَبل الذوَبان في العَولَمة الثقافية ، والمعمعة الفضائيَّة ، والشبكة العنكبوتيَّة ، وما نجمَ عنها مِن مُتغيِّراتٍ مُجتمعيَّة جوهريَّة ) !! وبلا شكٍّ فإنَّ مثل هذه التوصيفات والتصنيفات تَحمِلُ في طيَّاتها فضائلَ وتزكياتٍ بالجُملة ما عَلِمنا منها وما لَمْ نَعلَم !! إلَّا إنه في الضفَّة الأخرَى يُشير ضِمناً إلى ثغراتٍ سلوكيَّةٍ ، وهنَّاتٍ تربويَّةٍ ، وسَطوةٍ ماديَّةٍ ألقتْ بظلالِها وجفافِها على ما أعقَبهُ مِن أجيالٍ شابَّة ، فأفرَزتْ فراغاً إنسانيَّاً كئيباً !! ولعلَّ قائلًا يقول : ( على رِسْلِك ، فالمسألة برُمَّتها مِزاحٌ وترويح ) وعلَيه فإنَّ ما سطَّرْتُهُ مِن نقاطٍ وتساؤلات ما هي في حقيقتها إلا امتدادٌ لذلك ، نائياً بها عن مَقصَلة التعميم والتحطيم :

• هل بالفِعل حقَّق جيل الطيبين مِن العطاءات والمروءات ما جعلهُم مَضربَ مَثلٍ لمن جاء بعدهُم ؟ وهل انتَفتْ خِصال ( الطيبة والشهامة والرحمة ) عن أجيالنا المُتأخرة ، ما أدَّى إلى اختزالها في جيلٍ بعينه ؟؟

• لماذا لا نتعامل مع تبايُن الأزمِنة والعصور ، والأفكار والثقافات باستراتيجيَّة الإمام مالك يرحمه الله : ( أرجو أنْ يكون كِلانا على خَير ) ؟؟

• لماذا قطَعَ الناطِق الرسمي لجيل الطيبين مؤتمرُه الصحفي فارَّاً مِن القاعة ، عندما طُرِحَ سؤالاً هوَ الأكثرُ إحراجاً ورَواجاً : ماذا سيحدثُ لو أنَّ طوفان الانفتاح الهادِر أخذَ جيل الطيبين على حينِ غِرَّةٍ إبَّان مُراهقتهم وعنفوان شبابهم منذ ما يربو عن ثلاثة عقود ؟ هل كان بإمكانهم الصُّمود والثبات على مبادئهم وأصالتهم ؟ أمْ أنَّ ( سعيِّد أخو مبارك ) ؟؟ !!

• ما الداعي لمديحٍ باذخٍ كهذا ؟؟ أليسَ جيل الطيبين كغيره من الأجيال يَضُم الغَث والسَّمين ، والصالحين والطالحين ؟؟

• ألسنا نرى بحمد الله شبابنا المُعاصر يملؤون المساجد ، بارِّين بوالديهم ، ناهِضين بالبرامج والمناشط ، مُساهِمين في الأعمال الخيرية والتنمويَّة والشبابية ؟؟

• مَنْ قال إنَّ الجيل الصاعد ( لا يُحْسَب لهُم حِساب وليس لهُم أنياب ) ؟؟!! ألمْ يُحرِجوا بعض الإدارات الحكومية النائمة في العسل ، بتصوير ونَشر مَواطن القصور والخلل ، مع إلحاحٍ مُتكررٍ بالتصحيح والتطوير ؟؟!!

• ثُمَّ هَبْ أنَّ جيلنا الشاب ( لا يهِش ولا ينِش ) و ( يستقبل ولا يُرسِل ) !! بماذا نُفسِّر إذن اقتداء جيل الطيبين بشبابنا في تخلِّيهم المؤسف عن زينا الوطني الموقَّر ( الشماغ والغترة ) ومُخالطة الناس ( على المكشوف والعالم تشوف ) في المساجد والطُرقات والأماكن العامة ، بعد أنْ كان ذلك خطَّاً أحمراً ، لا جِدال حَوله ولا نِقاش ؟؟!!

• ألا يُسجَّل للجيل الجديد نأيهم التام عن الاصطفافات الفِكرية ، مُقدِّمين التلاحم الوطني والصالح العام على الحزبيَّات والشلليات ؟؟

• أليسَ الأحرَى بنا غَرس الثِقةِ والتَّحفيزِ والشَّراكةِ والاستشارة في نفوس أبنائنا ، بدلًا من ثقافة التهديد والوعيد ، والضرب بيَدٍ مِن حديد ؟؟

• هل مِن العدل والتَّجرد تجاهل ما قدَّمه شبابنا المُعاصر مِن تضحياتٍ جِسامٍ في جيشنا السعودي الباسل ، خاصةً ( سلاحنا الجوِّي ) المُتفوِّق عربيَّاً وإقليمياً بفضلٍ من الله ؟؟

• ما الداعي للتشكيك في هِمَم شبابنا وتحصيلهم العِلمي ؟؟ ألمْ يضطَّر مدير صرحٍ تعليميٍّ شهيرٍ في العام 1404هـ إلى تحويله إلى ( مُعتقل جونتنامو ) بإحاطة أسواره بالأسلاك الشائكة مَنعاً مِن فرارِ جيل الطيبين ( دامَ ظلهم الشريف ) مِن مَدْرستهم أثناء فُسحَتِهم ؟؟ !!

• ألمْ يستسلم جيل الطيبين إلى نكساتٍ إداريةٍ كارثيَّة ؟ مِن أشهرها ( التسيب الوظيفي .. الشيخوخة الإدارية .. غياب الموظفين .. راجِعنا بعدين .. المعاريض .. البخشيش .. الاستبداد الإداري .. الانحياز القَبَلي ) وغيرها ؟؟

• ألسنا ننعمُ اليوم بسرعةٍ خرافيَّةٍ فائقةٍ في إنجاز معاملات المواطنين ، لا تستغرق أحياناً سِوى بضع دقائق ، وتحديداً في قطاعات وزارة الداخلية ، كان لشبابنا ـ سلَّمهم الله ـ دَوراً محوريّاً في قفزاتها ؟؟

• ما الداعي للتندُّر بجيلنا المُعاصر ، والسخرية المُتواصلة من إدمانهم الوجبات السريعة والأسواق !! ألمْ يحتفل جيل الطيبين في مدينتنا عام 1405هـ بإقامة الأفراح والليالي المِلاح ، ابتهاجاً بافتتاح ( مطعم الزبداني ، وأسواق نجد ، والتفاخر بتناوِل الحمص والكباب ) ؟؟!!

• ثُمَّ مَن قال إنَّ جيل الطيبين ( الأشاوس ) صَمدوا في وجه الفضائيات الوافدة منذ ربع قرن ؟؟ !! أليسوا هُم أوَّل مَن قفزَ مِن السفينة وطعنوا إعلامنا المَحَلي في خاصِرته ، بِـوَصمهِ ووَصفه بــ ( غصبْ واحد .. غصبْ اثنين ) ؟؟!!

• ألا يَحقُّ لنا الاعتزاز بما نراه من تعايُشٍ وتعدديَّةٍ فاخرةٍ بين شبابنا ( مِن شتَّى المُدن والمحافظات والقُرى ) حين تسامَوا عن السفاسِف والدنايا ، وعَمِلوا بفكرِهم المُستنير على الحدِّ من العصبيَّة الإقليميَّة المَقيتة وما أفرزته من ضغائنَ وأحقاد ، فيما تورَّط جيل الطيبين في الإبقاء عليها ، بل والتلذذِ بإذكائها رِدحاً من الزمن !!

• كيف نتجاهل آلاف الشباب المعاصر الذين مَنَّ الله عليهم بحفظ كتابه الكريم ؟ ناهيكَ عن أولئك الأنقياء الشُرفاء الذين استثمروا دراستهم في البلاد الغربيَّة للتعريف بالإسلام ونشر العقيدة السلفيَّة الصحيحة ، والدفاع عن سمعة وطنِهم ومُواطنيهم ؟؟

• { لكن في المقابل } : ما الدَّاعي لهذا التجنِّي والتحامل غير المُبرَّر على جيل الطيبين المشهود له بالسماحة والنزاهة ؟؟!! ألمْ يُقدِّموا للوطن خِيرة الوزراء والعلماء والأطباء ، ورجال الأمن ورجال الأعمال وأساتذة الجامعات ، والمعلمين والموظفين ؟؟

• ألمْ ينفرد جيل الطيبين باطِّلاعٍ واسعٍ وثقافةٍ عاليةٍ ، مُتفاعلين ( سلباً أو إيجاباً ) ( رَفضاً أو قَبولًا ) مع أهم ظاهرتين ثقافيَّتين في تاريخ دولتنا السعودية ( الحداثة والصحوة ) ؟؟ ناهيكَ عن نَفادٍ مُعتادٍ للصحافة الورقيَّة من المكتبات والأسواق جرَّاء انكبابهِم اللافت على مُواكَبة المستجدَّات المحلية والدولية !!

• كيف نتناسى تلك الهبَّة الوطنية الشاملة ، حين تقاطَرَ جيل الطيبين صغاراً وكباراً إلى ساحات التجنيد التطوعي للدفاع عن حِياض الوطن إبَّان الاجتياح العراقي لدولة الكويت ؟؟

• ألا يُعاني الجيل الشاب مِن ضحالةٍ ثقافيةٍ وإفلاسٍ مَعرفيٍّ فاضِح ، إذْ يتعذَّر على سَوادِهم الأعظَم كتابة تغريدةٍ قصيرةٍ باللغة العربية الفصحى ؟؟!!

• ألمْ يتضرَّر جيل الطيبين من تأخُّر الترقيات سنين عددا ، ولَمْ يؤثر ذلك نهائياً في ولائهم الإداري ومستوى أدائهم الوظيفي الذي يتنامَى عاماً بعد عام ؟؟

• أليستْ الحركة التجارية برمَّتها قائمة على جهود وأموال ومتابعة جيل الطيبين ؟؟

• ألمْ يقفْ جيل الطيبين صفَّاً واحداً بجانب القيادة السياسيّة والجهات الأمنيَّة ، في نشر الوسطيَّة والاعتدال ، ومكافحة التطرف والإرهاب والفِكر الضال ؟؟

• أليسَ مِن الإنصاف الإشادة بسعادة وترحيب جيل الطيبين بطلائع الحاسب الآلي ، وجهودهم المُضنِية إزاء الإلمام ببرامجه وتحديثاته عبر التحاقهم بالدورات التدريبيَّة المُتتالية منذ ثلاثين عاماً !!

• ألمْ يشهد عصر الطيبين قفزاتٍ اقتصاديةٍ استثنائيةٍ لا زِلنا ننعمُ بآثارها وبُناها التحتيَّة الصلبة ؟؟

• كيف نتناسَى جهود جيل الطيبين الجبَّارة في الحدِّ من مخاطر المخدرات والتدخين والرشاوَى والتفحيط ، وغِيرَتهِم المُتناهيَة على القِيَم والأعراض والأخلاق ؟؟

• أليسَ جيل الطيبين هو العصر الذهبي للكُرَة السعودية ، وخَير شاهدٍ ما تحقَّق فيه من بطولاتٍ رياضيةٍ تاريخيةٍ على أيدي كَوكبةٍ مِن اللاعبين المُتميزين إبداعاً ومهارةً وإخلاصاً وأخلاقا ، بعيداً عن المُتاجرة والمُساوَمة والمُزايدة ؟؟

مِن هُنا يتبيَّن سادتي الكرام أنَّ لكِلا الجيلين الكريمين إيجابيَّات وسلبيَّات ، ومُنجَزات وثغرات ، كفِطرةٍ بشريَّةٍ مُعتادة ، وكلٌ منهما مُكمِّلٌ للآخَر في مشهدٍ بديعٍ مِن الأصالة والمُعاصَرة .. وسيظل الوطن فخوراً بخدمات أجياله المُتلاحقة كلٌّ حسب اختصاصه ..

وتقبلوا تحياتي ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى