مقالات

التعليم عن بُعد ، ثقافة وشقّت طريقها

مع هذه الأزمة أصبح التعلم في مؤسساتنا التعليمية من مدارس وجامعات يعتمد اعتماد مباشر على التدريس الطارئ عن بُعد باعتباره مجرد ردة فعل لمشكلة مؤقتة ، كان الهدف منها استمرار التعليم رغم الظروف . بالطبع نحن لا نحتاج فقط جودة في المخرجات وإهمالاً للمدخلات والعمليات تماشياً مع الوضع الحالي وكأن التعلم بالنسبة لنا مجرد ” شهادة ” أو ” بطاقة  عبور “لانتقال الطالب من صف إلى صف أو مرحلة إلى مرحلة .بالطبع هذا التحول بحاجة إلى نشر ثقافة حرية التعلم ودعم الإدارات العليا وتبصَر من قِبل المجتمع المحلي وأولياء الأمور بأن التعلم عملية مستمرة لا تتوقف ..مما لُوحظ أن بعض الأُسر اعتبرت تعليم أبنائها عن بُعد بمثابة “إجازة حتى إشعاراً آخر ” فكان الإهمال تحصيل حاصل بسبب غياب الاهتمام والدعم بكل أشكاله ، يحتاج التعليم عن بُعد إلى تخطيط وسياسة واضحة حتى وإن كانت استمراريته لوقتٍ وجيز ، البعض لديه تلك الثقافة ولكن احتياج بعض الأُسر لوجود التقنية ووسائل تواصل اجتماعية تُعزز هذا النمط من التعلم هو ما أدَى إلى بطء العملية ..بينما تلك المشكلة لم تُلاحظ بالنسبة لإدارة الجامعة وطاقم الكلية وأعضاء هيئة التدريس في بعض الجامعات نظراً لتمكنهم من التعامل مع التقنية واتباعهم أساليب ذكية لمواجهة التحديات ، والدليل ما نشاهده اليوم من استمرار التعليم بشكل جيد في الجامعات ولإدراكهم التام أن من الذكاء اتخاذ طرق بديلة للتدريس المباشر في ظل الظروف الصعبة . بالرغم أن هناك نوعاً من المعاناة لاحظتها كطالبة ، وهي ضغط المهام وفي وقت قصير جداً ، ضعف شبكة الإنترنت لكثرة الأعباء عليه ، غياب التواصل المباشر مع الأساتذة ..
الكثير من المنظمات وضعت برامج مميزة جداً كي تساعد الطلاب على التعلم عن بُعد ، الكثير من التطبيقات كانت داعمه لاستمرار التعلم ومازلت أقول بالرغم من جودتها العالية وبيئتها الآمنة إلا أننا بحاجة ماسة إلى استيعاب هذا التغيير الكلي والثقة بالتقنية التي باتت ضرورة واحد عناصر التعليم الحديث .. فهي ثقافة ولا بد أن تُستساغ ،  علينا إذن إدراك هذه الحقيقة التي تقول بأن التعلم عن بُعد ليس حلاً لمواجهة مشكلة مؤقتة وينتهي بانتهائها ، بل قد يكون اسلوباً جديداً لتعلم واستجابةً لظروف البعض .. هذه الأزمة التي نسأل الله جل شأنه بأن تنتهي قريباً ، أكَدت أن وسائل التعلم عديدة ، وأساليبه يجب أن تتنوع على الأقل حتى تُمنح الفرص للجميع ، فهي دعوة نحو التطوير والتنمية المهنية المستدامة التي من شأنها أن تتكيف مع كافة الظروف وتستجيب لتغييرات ..
نحتاج إعادة نظر في كل شيء من حولنا حتى وإن كنا أصحاب الريادة في التعليم ،مُمارسات اليوم تُشعرنا بقيمة الاستعداد لكل طارئ ، وأن الحياة بما فيها لا تتوقف ..بل علَمتنا أشياءً كثيرة ، صقلت شخصياتنا ونمَت قدراتنا وعلَمتنا كيف نتحمل تلك الأعباء الكثيرة ونُنجزها في وقت قياسي جداً ، أدركنا من هذه التجربة جمال الحياة الحقيقي باستمرارها على أية حال ..إلى أولياء الأمور أعني : رفقاً بأبنائكم ، ومهلاً مهلا .. علّموهم بأن الحياة مازالت قائمة وأن التعليم غير مقصور في حُجراتٍ دراسية وقاعاتٍ مُجهزه ، ليس بعملية مُحدّده بزمن يبدأ الساعة السابعة وينتهي بعد الظهيرة .. هو حتماً عملية ديناميكية تستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. وعلى أية حالٍ كنا وكانوا ، رافقوهم تلك الرحلة رُغم بساطتها .. ازرعوا فيهم روح الأمل ، وشاركوهم مهارات الحياة ..فلا بد من تلك القناعة ” حياتك مستمرة ، وسعيك لا بد منه ، وعلى قدر جهدك تُقبل عليك الحياة “

 

  بقلم / هند إلهاب  الثبيتي ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى